وسط إدانات حقوقية.. تصعيد أمني في إيران يحوّل التأبين إلى ساحة قمع
وسط إدانات حقوقية.. تصعيد أمني في إيران يحوّل التأبين إلى ساحة قمع
تصعّد السلطات الإيرانية، منذ أسبوع، إجراءاتها الأمنية في مدينة مشهد، عبر اعتقالات واسعة طالت ناشطين وحقوقيين وصحفيين شاركوا في مراسم تأبين المحامي والناشط الحقوقي الراحل خسرو علي كردي، في خطوة أثارت موجة إدانات دولية ومخاوف متزايدة بشأن سلامة المحتجزين وحق الإيرانيين في الحداد والتجمع السلمي.
ونقلت مصادر حقوقية، عن بيانات رسمية أوروبية وأممية أن حملة الاعتقالات رافقتها مزاعم باستخدام العنف ومنع التواصل مع العائلات والمحامين، وسط غياب معلومات دقيقة عن أماكن الاحتجاز والجهات المسؤولة، ما يعكس نمطاً متكرراً من التضييق على الحريات العامة في البلاد، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، الخميس.
إدانة وتحذير من القمع
أدانت عضو البرلمان الأوروبي ورئيسة وفد العلاقات مع إيران، هانا نويمان، ما وصفته بـ«التصعيد المقلق لقمع الحريات»، معتبرةً أن تحويل مراسم تأبين محامٍ حقوقي إلى «عملية أمنية» يبعث برسالة تهدف إلى إسكات الصوت الاحتجاجي والذاكرة الجماعية والتضامن الاجتماعي، وحتى فعل الحداد نفسه.
وأكدت نويمان أن اعتقال المواطنين بسبب حضورهم مراسم تأبين يشكل انتهاكاً للحقوق الأساسية وتجريماً لأبسط أشكال الإنسانية.
تسمي نويمان عدداً من المعتقلين، بينهم نرجس محمدي وعلياء مطلب زاده وسبيده قليان وهستي أميري وبوران ناظمي، وتطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين بسبب ممارستهم حقوقهم الأساسية، مشددةً على أن البرلمان الأوروبي «يقف إلى جانب الشعب الإيراني، لا إلى جانب من يسجن المحامين ويحوّل المراسم إلى أدوات ترهيب».
متابعة أممية وتضامن
تتابع المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران ماي ساتو القضية «بعناية وبشكل مستمر»، وفق رسالة نشرتها على منصة «إكس»، في إشارة إلى اعتقال مشاركين في مراسم التأبين.
وفي السياق ذاته، أعلنت الناشطة الحقوقية الباكستانية الحائزة جائزة نوبل للسلام ملالا يوسف زي، دعمها الناشطة الإيرانية نرجس محمدي، مطالبةً بإطلاق سراحها فوراً.
وتُبرز هذه المواقف اتساع دائرة القلق الدولي إزاء تدهور أوضاع حقوق الإنسان في إيران، ولا سيما حين تُستهدف مناسبات مدنية وإنسانية، بما يعمّق الهوة بين السلطات والمجتمع، ويزيد من حدة العزلة الحقوقية.
مطالبة بالتحقيق
تعتبر جمعية عائلات ضحايا الطائرة الأوكرانية أن الاعتقالات خلال مراسم علي كردي تمثل «انتهاكاً للحق في التجمع والحداد»، وتهدف إلى «تشتيت الرأي العام عن الجريمة الأصلية».
وتؤكد الجمعية أن وفاة علي كردي ليست حادثاً طبيعياً، بل جزء من حملة منهجية لإسكات الأصوات المستقلة، مطالبةً بتحقيق شفاف ومستقل.
وتشير الجمعية إلى تعرض عشرات المشاركين للاعتقال والضرب، مع قلق متزايد بشأن مصير جواد علي كردي وآخرين، محذرةً من تطبيع القتل الحكومي والقمع بوصفهما أدوات إدارة سياسية.
مخاوف وتحذير عائلي
حذّرت عائلة نرجس محمدي من تدهور حالتها الصحية عقب إعادة اعتقالها، مشيرةً إلى سجلها الطبي الحساس وخطر التعرض لجلطات، ومطالبةً بعلاج عاجل، وتوفير الأدوية، وتمكينها من التواصل مع محامٍ. تشير شهادات عائلية إلى تعرضها للضرب، ما يضاعف المخاوف بشأن سلامتها الجسدية.
وعثر على جثمان خسرو علي كردي في مكتبه يوم 6 ديسمبر الجاري، وشهدت مراسم تأبينه شعارات احتجاجية خلّدها المشاركون بوصفها فعل ذاكرة ومطالبة بالعدالة، في وقت تصف فيه منظمات ومحامون الحادثة بأنها «قتل حكومي»، وسط مطالبات متصاعدة بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.











